في ذكرى الوثيقة الوطنية..مقاربات خارج النص

ثريا دماج
عضو مؤتمر الحوار

January 26, 2019

عندما كان مئات اليمنيين يجتمعون في فضاء حوار نادر قبل خمس سنوات، كان ضجيج الاصوات المعادية عاليا الى درجة يصعب معها التكهن ان كان هذا البلد سيبقى متماسكا حتى نهاية الاسبوع التالي.

ومنذ اقسم المؤتمرون في اليوم الاول مضيهم نحو عقد اجتماعي جديد، تلقت هذه التجربة ضربات مميتة لم تنته حتى جلستها الاخيرة التي خيم عليها حزن محبط لكنه مفعم بالتحدي عشية سقوط عضو المؤتمر الدكتور احمد شرف الدين شهيدا جديدا برصاصات غادرة كانت تستهدف ايضا اجهاض مشروع الحوار .

كانت خيارات الحل بالنسبة للقوى المناهضة للتغيير عدمية بين العودة الى الماضي، او الفوضى.

ولان مبدأ التغيير قائم في الاساس على مغادرة الماضي وعدم تكرار مآسيه، فقد كان قدرا محتوما ان تنتقل قوى الحرب الى مقاومة مشروع التغيير بوسائلها القديمة الى ان حولت البلد ساحة صراع ومنطقة جوع لم يشهد لها العالم مثيل من قبل، لكن وثيقة الانتقال الديمقراطي، ماتزال في صلب مرجعيات الحل الأمثل للمسألة اليمنية.

وفي مناسبة كهذه يبدو من المهم استمرار التاكيد على وثيقة الحوار الشامل كمرجعية وناظم وطني لاي مقاربات دولية محتملة، وعدم السماح باختطاف او احتكار خيارات الحل اوإسقاطها على اساس عسكري.

ومن بين المرجعيات المعتمدة، يمكن النظر الى مقررات الحوار الوطني، باعتبارها الوثيقة اليمنية الوحيدة التي جاءت تحت درجة اقل من الضغوط غير الموضوعية، الا من استحقاقات التغيير التي خرج من اجلها اليمنيون وتوافقوا على ترشيدها بمسار سياسي كان يتسع تدريجيا ضمن طريق طويل من الاصلاحات الهيكلية والتشريعية والمؤسسية.

هذا هو المشروع المتاح الان القابل للتطوير الموجه نحو امتيازات وحقوق ومصالح وضوابط حمائية لكرامة وحرية وقداسة الارادة الشعبية.

ولهذا فان اي مقاربات جديدة يفترض ان تخضع فيها الاطراف اولا لاختبارات منطقية في امكانية تقبلها للشراكة والتخلي عن السلاح واعتبار الدستور وسيادة القانون اساسا للحكم، والارادة الشعبية والمساواة وحقوق الانسان اساسا للشرعية.

وحتى الان من غير الممكن معرفة ما اذا كان الموفدون والوسطاء الدوليون يجسدون هذه المرجعية الوطنية في اتصالاتهم ومباحثاتهم ومقترحاتهم المجزأة، نظرا لعدم شفافية هذه المبادرات والافراط في تسيسها على النحو الذي ينتج اتفاقات شبه ميته يستحيل تنفيذها دون اللجؤ الى صفقات اضافية في الخفاء.

ويمكن ان ياتي هذا الانحراف عن مسار المرجعيات الوطنية في ظل غياب الرقابة الشعبية والمجتمعية وانصراف غالبية اعضاء موتمر الحوار، الى مشاغل معيشية، او مكاسب شخصية، والانحياز الى مواقف احادية بعيدة عن فكرة الشراكة في الحوار، والقرار والتنفيذ.

وللاسف فان تعاطي بعض اعضاء موتمر الحوار مع النتائج العرضية للازمة، والتحاق البعض الاخر بتنظيرات مبتسرة للانتقال السياسي، ليس سوى حنثا باليمين الذي اقسموه لاخراج وثيقتهم المعلنة في مثل هذا اليوم من عام 2014، مع اهمية عدم مصادرة الاصوات المعارضة لهذه الوثيقة التي كان من المفترض إخضاعها لمشاركة مجتمعية واسعة.

وعلى جماعات الضغط من باب اولى وفي المقدمة 565 عضوا في موتمر الحوار الوطني التاكيد على مرجعية مقرراتهم حتى وان كانت اتفاقات الحل في سياق جزئي، وكبح اي محاولة لإنتاج واقع جديد او ترسيخ وشرعنة الارث القاتم للمتورطين في دوامة الحرب العبثية.

ان مايجري في الحديدة ينطوي على مسارات محفوفة بمخاطر اطالة الازمة اليمنية وتدويلها بعيدا عن مرجعية الحوار، حيث قد تؤسس المقاطعة الساحلية الاممية هناك لسلسلة اوسع من اجراءات التدويل بدءا بالقرار الاقتصادي والموارد السيادية في عموم البلاد.

وهناك اعتقاد مبالغ فيه لدى المسؤولين في الحكومة الشرعية، ان استعادة الدولة المفقودة سياتي يوما من اروقة مجلس الامن، في حين يتصور الحوثيون والجماعات المسلحة ان المزيد من الحوارات تحت مظلة الامم المتحدة سيشرعن تدريجيا لسلطاتها كأمر واقع، بينما تغيب في خضم ذلك اصوات الناس وحقهم في الحياة تحت دولة عصرية.

وفي حال استمر تعاطي الامم المتحدة على المدى الطويل مع مقاربات من هذا القبيل، فان الامر سيعني الإبقاء على امراء الحرب كجزء من مستقبل اليمن بما في ذلك من تعطيل للمواثيق الدولية والإفلات من العقاب، بل وبمعزل عن اي تفاصيل اضافية فان فرص التشظي ستكون نتيجة مباشرة لاستمرار قوى النفوذ في انكاء جروح مفتوحة.

وثيقة
مخرجات الحوار الوطني

تحميل الوثيقة ←

مسودة
دستور اليمن الجديد

تحميل مسودة الدستور ←