دور المجتمع المدني والقوى السياسية في عملية التحول إلى الدولة المدنية

الدكتور عبدالله عوبل
أمين عام حزب التنظيم الوحدوي

January 28, 2019
ــــــ
ندوة (اليمن الاتحادي الجديد المسار الوطني للشراكة في السلطة والثروة)
العاصمة المؤقتة عدن
الإثنين - 28 يناير - 2019م
ــــــ

مقدمة

الشباب هم الذين قادوا عملية تغيير طويلة ابتداء من فبراير 2011. وقد جاء مؤتمر الحوار نتيجة التغيرات التي احدثتها الثورة السلمية في أجزاء مدنية من النظام السياسي. فالشباب انجزوا ثورة سلمية قادت إلى مؤتمر الحوار ومخرجاته التي نتحدث عنها اليوم في الذكرى الخامسة. 
الشباب ليسوا طبقة سياسية متجانسة، هم يمثلون جميع طبقات المجتمع، ويحملون كل تناقضاته، ليسوا قوة ذات مصالح لطبقة او فئة اجتماعية معينة، انهم يمثلون مصالح عامة للمجتمع تتمثل في تحقيق العدل والعيش الكريم.. ومن المؤكد أن الطبقة الوسطى رغم ضعفها وافقارها نتيجة السياسات الاقتصادية للنظام، إلا أنها كانت حاضرة وموجهة (صحافيون، محامون، اساتذة جامعات، قضاة، اطباء، مهندسون وغيرهم ) وهذه الشريحة من الطبقة الوسطى هي أيضا غير متجانسة، جزء مهم وقف مع النظام السابق وفقا لشبكة المصالح التي تكونت خلال 33 عاما.


كان حضور الطبقة الوسطى معنويا، اما ساحات الحرية والتغيير كانت شبابية بامتياز.

منظومة القيم


قامت ثورة فبراير 2021 على خلفية منظومة قيم معاصرة، تعتمد حقوق الإنسان والنضال السلمي والحريات والدولة المدنية. وكانت تلك القيم هي المحرك الوجداني للشباب وشعاراتهم وتقود سلوكهم في مجتمع الخيام.

ولقد وجد مجتمع جديد في الساحات على هامش المجتمع التقليدي، الذي مازال قويا يمتلك الثروة والجاه ومصادر القوة.


ومع هذه الخلفية للمجتمع الخيام الشبابي التي قامت على موجهات وقيم سلوكية جديدة، استطاع ان يوصل إلى مؤتمر الحوار الوطني ممثلون كانوا اقوياء في التعبير عن الأراء التي تدعو لتحقيق الدولة المدنية المؤسسية وفق الرؤى المعاصرة.


لذلك جاءت مخرجات الحوار لتلبي طموح اليمنيين للدولة التي قدموا من اجلها نضالات وتضحيات طويلة على مدى أكثر من نصف قرن.

كانت ثورة فبراير الشبابية السلمية 2011 قد وضعت البلاد على اعتاب عملية تحول سياسي حقيقي لتحقيق العدالة والدولة المؤسسية والقانون، فالثورة قد استطاعت ان تحقق جزءا مهما من أهدافها المتمثلة في اسقاط جزء مهم من المؤسسة الحاكمة، في حين ظلت المؤسسة العسكرية والامنية تقف في جانب الرئيس وهو الامر ادى إلى حالة استاتيكية كاملة لم تسطع الثورة ان تتقدم إلى ابعد من المؤسسة النظامية التي سقطت يوم 21 مارس، ولم يستطع ما تبقى من المؤسسة الحاكمة أن يستعيد توازنه.. لقد استمرت هذه الحالة ثمانية أشهر من مارس إلى نوفمبر 2011م تم خلالها تقديم المبادرة الخليجية في نسختها الأولى والتي اقترحت تنحى الرئيس مقابل الحصانة، ثم عدلت في مايو لتصبح في صورتها المعروفة اي تحول المؤسسة الحاكمة إلى جزء من الحل.


وكانت الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية خارطة طريق للانتقال للسلطة من ايدي الرئيس ونظام حكمه إلى قوى الثورة السلمية. ان المرحلة الانتقالية بخطواتها التسلسلية قد وضعت الاساس لعملية التحول عبر انتخاب رئيس انتقالي يقود المرحلة الانتقالية بنوع من التوافق في الحكومة والبرلمان وفي حالة الاختلاف يحسم الرئيس القرار. لكن الامر المهم في هذه العملية ان الفترة الانتقالية رسخت عملية التقاسم وبدأ كما لو ان النظام يستعيد توازنه من خلال احتفاظه بالجيش والنظام الأمني، ويرسخ وجوده من خلال الدولة العميقة التي لم تكن نصف الحكومة وانما كل مفاصل النظام السياسي.


لم تكن الحكومة التي تشكلت في أعقاب التوقيع على المبادرة الخليجية قادرة على إقصاء النظام القديم واستبدال كل عناصره بقوى الثورة.. كان هذا في زمن الثورات المسلحة أما في زمن الثورة الشبابية السلمية فالتحول يجري بالتدريج وازاحة قوى الفساد تتم عبر النظام القضائي وليس عبر الأوامر الادارية، ولم يفهم البعض هذا الفارق الجوهري في طبيعة كل من الثورات المسلحة والثورات السلمية.


لذلك للأسف لم يكن من السهل انجاز قوانين مهمة هي طبيعة الثورة الديمقراطية السلمية، مثل قانون العدالة الانتقالية وقانون استعادة الأموال المنهوبة، لم يحدث توافق في مجلس الوزراء ولم تستخدم الصلاحيات وفق الآلية التنفيذية ربما لحسابات كان يمكن أن تؤدي إلى حرب لكن الحرب كانت قادمة على أية حال.

مؤتمر الحوار الوطني الشامل

كان عقد مؤتمر وطني شامل من بين المهام التي يجب أن تنجز في المرحلة الانتقالية، وكانت المهمة الأهم والأصعب في ذات الوقت. إن ايجاد توافق وطني على التمثيل وأن يكون هذا التمثيل شاملا كل القوى السياسية والمجتمع المدني والشرائح الاجتماعية،، وكان تمثيل الجنوب هو المهمة الأكثر صعوبة في ظل المزاج الانعزالي لدى قيادات الحراك ومع ذلك تحقق اختيار الممثلين، وحقق الشباب والمرأة والمجتمع المدني تمثيلا غالبا انعكس على المخرجات التي كانت تؤسس لدولة مدنية حديثة ...وهي المخرجات التي اتفق حولها اليمنيون لأول مرة في تاريخهم. وسيبقى هذا المؤتمر حدثا تاريخيا يفخر به اليمنيون وبانهم رغم كل الحروب والويلات والفقر استطاعوا ان يحددوا خياراتهم المستقبلية

دور الاحزاب السياسية والمجتمع المدني في عملية التحول إلى الدولة

نقف اليوم أمام واقع جديد رسمت الحرب (التي جاءت نتيجة الانقلاب على مخرجات الحوار من قبل الجماعة الحوثية) معالمه وخطوطه، ورغم ذلك فإن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني هي الأمل الوحيد بالانتقال إلى الدولة.. لقد رسمت المخرجات ملامح الدولة المدنية الحديثة التي يطمح اليها اليمنيون. الدولة الاتحادية القائمة على العدل والمساواة وحقوق الانسان.


في واقع اليوم لابد من العمل في اتجاهات متعددة لحماية مؤتمر الحوار الوطنية والضغط لتنفيذها،، هذا الواقع اليوم يخلو من أي كيان سياسي او مدني يكون حاملا لمشروع الدستور المنيثق عن المخرجات.


يتوفر حاملون لمشاريع أخرى تحمل أجندة متناقضة ومتصارعة، والأفق مسدود أمامها،،، ماعدا الدولة الاتحادية القائمة على المخرجات، تخلو الساحة في المناطق التي تحت سيطرة الشرعية من حامل سياسي ومدني على الأرض، كما لم تتجسد إجراءات ملموسة لممارسة سياسية تقوم على قاعدة هذه المخرجات.


وفي ظل تعدد رؤى الحل والتدخلات الدولية والاقليمية يخشى كثيرون من المتابعين القفز على المخرجات والذهاب إلى مشاريع تفتيتية، قد تقود إلى حروب صغرى متفرقة تجعل التعافي منها أمر ا صعب المنال في المدى المنظور.


من أجل ذلك فإنني أدعو إلى تكتل مدني فاعل من القوى والاحزاب ومنظمات المجتمع المدني التي تساند المخرجات والدولة الاتحادية والعمل مع الناس في المحافظات والمديريات وكافة المناطق لتشر الوعي بأهمية المخرجات. ويقوم التكتل المذكور على مبدأ الدولة الاتحادية وتنفيذ مخرجات الحوار.


إن مجتمعا تنتشر فيه الأمية والفقر من الصعب أن يعتمد فيه برنامج التوعية بالدولة الاتحادية على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. كما إن كثيرين لم يقرؤا كتاب مخرجات الحوار ، ولم يطلعوا على حقوق المواطنة الواسعة التي تضمنتها المخرجات. كما لم يطلع البعض على مشروع الدستور الجديد.

وبالتالي تصبح المسؤولية مضاعفة من أجل بناء حوار مجتمعي واسع للتوعية بمخرجات الحوار الوطني.


كثيرون قد يصرحون إن الحوار قد ابتعد عن قضاياهم والواقع أن هذا الطرح غير دقيق.. فالمخرجات شملت أسس الدولة وحقوق المواطنة والدولة الاتحادية وتوزيع الثروة والسلطة بشكل عادل في مجتمع اتحادي يقوم على الاقاليم أيا كان عددها. اذ يمكن أن يعاد النقاش حول الأقاليم بما يحقق التوافق الوطني وإنهاء الخلافات والمظالم التاريخية والحديثة، من أجل مجتمع مستقر خال من الصراعات والحروب.. المجتمع القائم على قيم العدل واحترام القانون وحقوق الانسان وتحقيق الاندماج الاجتماعي لمجتمع يعيش بكرامة ويلتحق بركب التقدم الحضاري والتلاقي مع قيم العصر وإنجازاته التقنية والتكنولوجية وبناء الإنسان اليمني المبدع والمنتج الذي يحقق لوطنه التقدم والازدهار.

وثيقة
مخرجات الحوار الوطني

تحميل الوثيقة ←

مسودة
دستور اليمن الجديد

تحميل مسودة الدستور ←